مشاركة
121 دراسات منذ 5 أشهر صحيفة كرري

الإعلام العسكري في الميزان ( 17 ) إضاءات الإعلام العسكري في حرب الكرامة (1-2)

بقلم : مقدم مهندس إبراهيم عبد الواحد محمد

تناولنا في المقالات السابقة جميع وسائل و أدوات الإعلام العسكري المختلفة التي كان من المفترض أن يبرز دورها بشكل ملحوظ في إيصال الوجه الحقيقي لهذه الحرب اللعينة ضد تمرد مليشيا الدعم السريع الإرهابية على الدولة السودانية و مقدراتها بشكل عام و على المواطن السوداني بشكل خاص و لا سيما توضيح رواية الدولة السودانية حول هذه الحرب وما قامت به المليشيا من اعتداءات للداخل و للمحيط الإقليمي و الدولي .

تناولنا أيضاً الدور الذي كان من المفترض أن يلعبه الإعلام الرسمي و مؤسساته من إذاعة و تلفزيون ووكالات أنباء في دعم المؤسسة العسكرية و إسناد الإعلام العسكري لمجابهة التضليل الإعلامي و التشويش الممنهج الذي قامت به هذه المليشيا و الغرف الإعلامية الداعمة لها سواء من جهات محلية و أقليمية و أيضا ً تحدثنا عن دور الإعلام الخاص و الشعبي و دور المتلقي في دعمهم للمؤسسة العسكرية لمجابهة كل تلك الحملات الإعلامية الشرسة التي طالت الإعلام العسكري .

لكن رغم كل الدمار و التخريب الذي لم تسلم منه جميع مؤسسات الدولة و لا سيما الإعلامية منها إلا أنه برزت إضاءات و مجهودات فردية و جماعية إعلامية من ركام هذا الدمار في محاولات للوصول إلى إيصال صوت القوات المسلحة و الدولة السودانية إلى شريحة واسعة من الجمهور المحلي و الإقليمي و العالمي .

سنستعرض في هذا المقال بعضاً من هذه الغضاءات و المحاولات التي كان لها دور ملموس في زيادة الوسائل الإعلامية كما سبق و أن ذكرنا مما يؤكد بشكل عام النجاح الجزئي في التقليل من الهجمات الشرسة على الإعلام العسكري في مجابهة إعلام المليشيا و الغرف الإعلامية المتخصصة الداعمة له .

 

مواقع و منصات التواصل الإجتماعي 

 

من الملاحظ قبل هذه الحرب كان وجود القوات المسلحة في الفضاء الإعلامي الرقمي يقتصر على صفحة القوات المسلحة على الفيسبوك و على منصة X تويتر سابقاً و عند إنطلاق هذه الحرب كان عدد المتابعين في صفحة الفيسبوك حوالي 1.4 مليون متابع و أصبحت الآن تتعدى حاجز 2.2 مليون متابع و كذلك زاد عدد المتابعين في منصة X و تم انشاء قناة القوات المسلحة على اليوتيوب و منصة TikTok و قناتي القوات المسلحة على التليجرام و الواتساب .

كل ما سبق من مواقع و منصات التواصل الاجتماعي كان له الأثر الكبير في لعب الدور الهام في حرب الكرامة ضد مليشيا الدعم السريع المتمردة ، حيث أصبحت وسيلة حيوية لنقل المعلومات، وتعبئة الرأي العام، ودعم جهود القوات المسلحة على عدة أصعدة . من أبرز مساهماتها :

 

1. نشر الأخبار وتحديث الأحداث أولاً بأول : تعتبر منصات التواصل الاجتماعي من أسرع وسائل نقل الأخبار، حيث يتمكن المواطنون من متابعة التطورات مباشرة عبر صفحات رسمية وشخصية توثق الانتصارات والمواجهات على الأرض، مما يساهم في توفير المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب.

 

2. التعبئة وحشد الرأي العام : عملت منصات التواصل على توحيد الرأي العام، حيث يتم نشر دعوات لدعم القوات المسلحة ومساندة جهودها، وتعزيز الشعور الوطني بين الناس بضرورة الدفاع عن الوطن ضد التهديدات.

 

3. التصدي للإشاعات ودحض الأخبار الكاذبة : بفضل سرعة التفاعل والقدرة على نشر الحقائق، يتم التصدي بشكل فعال للإشاعات التي يروجها المتمردون، مما يمنع تضليل الرأي العام ويعزز الثقة بين المواطنين والقوات المسلحة.

 

4. توثيق وتخليد البطولات : يقوم المواطنون بتوثيق لحظات بطولية للقوات المسلحة وأفرادها من خلال الفيديوهات والصور، والتي يتم تداولها بشكل واسع، مما يعزز من الشعور بالفخر والاعتزاز بالجيش .

 

5. نشر رسائل الدعم و التشجيع : يعتبر الدعم المعنوي الذي تقدمه الرسائل والمنشورات بمثابة دفع روحي للقوات المسلحة والمواطنين، حيث يعبر الناس عن تضامنهم ووقوفهم إلى جانب الجيش، مما يعزز من الروح القتالية للقوات .

 

6. التواصل مع المجتمع الدولي : توفر مواقع التواصل الاجتماعي نافذة للوصول إلى جمهور دولي، حيث يتم نشر الحقائق باللغة الإنجليزية أو بلغات أخرى لزيادة وعي المجتمع الدولي بالأحداث، مما يساهم في كسب تعاطف الرأي العام العالمي وتوضيح طبيعة الصراع.

 

7. التنسيق المجتمعي وتبادل المساعدات : ساعدت مواقع التواصل في تنسيق الجهود المحلية لدعم القوات المسلحة، مثل جمع التبرعات أو تنظيم حملات مساعدات للمناطق المتضررة أو أسر الشهداء، مما يعزز من التضامن الشعبي .

 

صحيفة القوات المسلحة و الإذاعة و التلفزيون العسكري 

 

كما ذكرنا سابقاً لم يكن التوجيه المعنوي ممثلاً في الإعلام العسكري باضلاعه الثلاثة الصحيفة و الإذاعة و التلفزيون بمنأى عن الخراب الذي طال البنى التحتية لجميع مناحي الحياة العامة في السودان و لكن بمجهودات العاملين في إدارة التوجيه المعنوي بمختلف وظائفهم و مسمياتهم الذين كان لهم الاثر الملحوظ في عودة بعضاً من الزخم الإعلامي المطلوب حيث عادت الصحيفة للصدور لشكل راتب الأحد، الثلاثاء و الخميس من كل أسبوع و أثمرت المجهودات في عودة البث لإذاعة صوت القوات المسلحة من مدينة الدامر حاضرة ولاية نهر النيل بمجموعة من البرامج الإذاعية العسكري منها و المدني متمثلاً في عودة برنامج عالم الرياضة و أما التلفزيون العسكري فكانت إسهاماته في عدة مجالات و خاصة في مجال الدراما الموجهة للتعريف بالمجهودات المختلفة لشرائح المجتمع في دعم القوات المسلحة .

ومما لا شك فيه فقد مكن كل ذلك صحيفة القوات المسلحة ، وإذاعة صوت القوات المسلحة، والتلفزيون العسكري من لعب أدواراً هامة خلال حرب الكرامة ضد مليشيا الدعم السريع المتمردة . فقد قدمت هذه الوسائل الإعلامية توعية، وتعبئة، وتوثيقاً للحقائق التي دعمت صمود القوات المسلحة وتعزيز الجبهة الداخلية . وفيما يلي أبرز مساهماتها :

 

1. نقل المعلومات الدقيقة والموثوقة : قدمت هذه الوسائل الإعلامية الرسمية أخباراً مؤكدة حول تطورات المعارك والإنجازات العسكرية، مما يعزز ثقة المواطنين في مصدر المعلومات ويمنع انتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة التي قد تروجها المليشيات المتمردة.

 

2. رفع الروح المعنوية وتقدير التضحيات : ركزت هذه المنصات الإعلامية على إبراز قصص شجاعة أفراد القوات المسلحة وإنجازاتهم، مما يعزز الروح القتالية لدى الجنود ويزيد من شعور المواطنين بالفخر بقواتهم المسلحة.

 

3. التغطية الإعلامية المباشرة للأحداث : ساهم التلفزيون العسكري وإذاعة صوت القوات المسلحة في تقديم تغطية مباشرة للأحداث الجارية من ميادين المعارك، مما يتيح للجمهور متابعة الأوضاع عن قرب ويساعد في تعزيز الشعور بالمسؤولية الوطنية.

 

4. التوجيه والتوعية العامة : ساهمت هذه الوسائل في توجيه الجمهور حول كيفية التعامل مع الأزمات، وأهمية الحفاظ على الأمن الداخلي، وتقديم نصائح للمواطنين بشأن سبل حماية أنفسهم من الشائعات أو المعلومات المضللة.

 

5. التصدي للحرب الإعلامية للمتمردين : استخدمت صحيفة القوات المسلحة وإذاعة صوت القوات المسلحة والتلفزيون العسكري أساليب توعوية لمواجهة الحملات الدعائية السلبية التي قد تطلقها المليشيات، وقدمت تقارير توضيحية لفضح الممارسات والانتهاكات التي ترتكبها.

 

6. تعزيز اللحمة الوطنية والتضامن المجتمعي : عملت هذه الوسائل الإعلامية على حشد مختلف فئات المجتمع وتأكيد أهمية الوحدة الوطنية في مواجهة أي تهديدات. وشجعت على دعم جهود الجيش والمساهمة في رفع معنويات أسر الشهداء والمصابين.

 

7. التوثيق التاريخي للمعارك والإنجازات : من خلال التغطيات المستمرة، ساهمت الصحيفة والإذاعة والتلفزيون العسكري في توثيق حرب الكرامة، مما يوفر سجلاً تاريخياً للأجيال القادمة ويخلد ذكرى التضحيات التي بُذلت في سبيل الوطن.

 

الإعلام الرسمي و الخاص و الشعبي 

 

فيما يخص الإعلام الرسمي فقد ساهمت الهيئة القومية لاذاعة و التلفزيون من خلال الإذاعة القومية في بث مجموعة من البرامج التي كان لها الدور الكبير في دعم القوات المسلحة و الرواية الرسمية للدولة في مواجهة مليشيا الدعم السريع المتمردة و أما التلفزيون القومي فقد أفرد مساحة تصل إلى 80% من خريطة البث اليومية وذلك من خلال عدد من البرامج التي تصل إليه من جميع الوسائل الإعلامية العسكرية المختلفة و من خلال البرامج التي يقوم بانتاجها التي ساهمت في ابراز و تعزيز الدور الذي تقوم به القوات المسلحة و القوات النظامية الأخرى و القوات المشتركة في حماية البلاد و أيضا كان له الدور العظيم في إبراز و توجيه المقاومة الشعبية و اللحمة الوطنية للشعب السوداني بمختلف شرائحه مع قواته المسلحة . وهنا لا ننسى الدور الذي لعبته وكالة الأنباء سونا حيث أصبح من الواضح مواكبتها الجزئية نوعاً مقارنة بما كانت تقدمه في الأيام الأولى لاندلاع الحرب .

و لم تكن القنوات الخاصة كالنيل الأزرق و فناة البلد و قناة الزرقاء و مؤخراً قناة الخرطوم بمعزل عما يقوم به الإعلام العسكري فقد سخرت جميع هذه القنوات إمكانياتها و مواردها و جل برامجها في الوقوف جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة السودانية و دعمها و دعم المواطن السوداني الذي كان أكثر المتضررين من هذه الحرب اللعينة التي كانت ضده في المقام الأول .

أما الإعلامي الشعبي فقد كان له الاثر الواضح من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ومنصاته المختلفة في دعم جميع هذه الجهود للتقليل من تأثير الدعم الذي تجده المليشيا المتمردة في إيصال رسالتها الإعلامية المضللة .

 

ختاماً :

 

بشكل عام أسهمت كل هذه الوسائل الإعلامية بمختلف توجهاتها و مصادر تمويلها في توجيه الرأي العام، وتوثيق جهود القوات المسلحة، والتصدي للحرب الإعلامية المضادة، مما عزز من صمود الوطن ودعم القوات المسلحة في حربها ضد مليشيا الدعم السريع المتمردة .