مشاركة
25 دراسات منذ شهر صحيفة كرري

الإعلام العسكري في الميزان (14) دور المتلقي في دعم الإعلام و المؤسسة العسكرية

بقلم : مقدم مهندس إبراهيم عبد الواحد محمد

يلعب المتلقون دورًا حاسمًا في الصراعات العسكرية والسياسية، حيث يمكن أن يكون لهم تأثير مباشر على مسار الأحداث ونتائجها . في هذا السياق، تعد الحرب على مليشيا الدعم السريع المتمردة مثالاً بارزًا على كيفية تفاعل المتلقي مع الأحداث وتأثيره على مجريات الصراع .

في هذا المقال سنسلط الضوء على الدور الكبير الذي من المفترض أن يقوم به المتلقي في هذه الحرب التي كانت حرباً إعلامية في المقام الأول و كيف يمكن أن يساهم في تقديم أدوار كانت ولا زالت قادرة على تغيير المعادلة على المستويين الإعلامي و العسكري على الأرض .

من المؤكد أن حرب مليشيا الدعم السريع المتمردة هي حرب موجهة في الأساس ضد الشعب السوداني و مؤسسات الدولة السودانية . هذه الحقيقة هي ما سعت إليه إعلام المليشيا و الجهات السياسية و الإقليمية الداعمة لها بكل ما أوتيت من قوة و أدوات إعلامية لتغييرها و الإلتفاف حولها . حيث حاولت حصرها في مسميات ساهمت في التشويش على المواطن و المتلقي السوداني بشكل أو بآخر .

إن أحد نتائج هذا التشويش كان توجيه سهام النقد للإعلام العسكري و التقليل من وجوده أو تأثيره على الرأي المحلي أو الدولي ، و هذا أدى بدوره إلى تأثير سلبي على الدور الذي تقوم به القوات المسلحة و القوات النظامية الأخرى . ومن المؤكد أن المتلقي الذي يعتبر أحد أهم عناصر الإعلام و الوجهة الرئيسة للرسائل الإعلامية ساهم في بشكل كبير في تسهيل و إنجاح هذه المهمة عبر إستجابته السالبة تجاه الإعلام العسكري و ما يقدمه على قلته في بداية الحرب و استجابته الإيجابية تجاه إعلام الغرف الداعمة للمليشيا الإرهابية .

 

تأثير وسائل الإعلام على المتلقي

 

تلعب وسائل الإعلام دور الوسيط الرئيسي بين الأحداث والجمهور. من خلال التغطية الإعلامية، يمكن تشكيل تصورات المتلقين حول الحرب ضد مليشيا قوات الدعم السريع المتمردة  كما تعتمد وسائل الإعلام على تقنيات متعددة ، مثل الصور و الفيديوهات و التقارير الإخبارية و التحليلات  لتقديم معلومات إلى الجمهور. هذه المعلومات قد تكون منحازة أو موضوعية ، ولكنها تؤثر بشكل كبير على رأي المتلقي .

 

دور المتلقي في تشكيل الرأي العام

 

يجب العلم بأن المتلقي ليس مجرد مستهلك للمعلومات ، بل يجب أن يكون جزءً فاعلاً في تشكيل الرأي العام . حيث يعبر المتلقون عن آرائهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ، المنتديات ، والنقاشات العامة . هذه الآراء تشكل بدورها ضغطًا على الحكومات و المؤسسات المعنية بهذه الحرب . كما يمكن أن تؤدي موجات الغضب أو الدعم الشعبي إلى تغييرات في السياسات والاستراتيجيات المتبعة في الحرب على مليشيا الدعم السريع المتمردة .

 

تأثير الوعي والإدراك لدى المتلقي

 

الوعي والإدراك يلعبان دورًا كبيرًا في كيفية تفاعل المتلقي مع الأحداث. المتلقون المطلعون على خلفيات هذه الحرب وأبعادها المختلفة على المستوى المحلي و الإقليمي و الدولي يكونون أكثر قدرة على تحليل المعلومات بشكل نقدي . بينما يمكن للجهل والتضليل الإعلامي أن يؤدي إلى تبني مواقف خاطئة أو غير عقلانية . لذلك، يعد التعليم والتوعية من الوسائل الضرورية لتعزيز دور المتلقي الإيجابي في هذا السياق.

 

دور المتلقي في دعم الجهود الإنسانية

 

إلى جانب الدور السياسي والإعلامي، يلعب المتلقون دورًا مهمًا في دعم الجهود الإنسانية خلال الصراعات. يمكنهم المشاركة في حملات جمع التبرعات، وتقديم الدعم للنازحين والضحايا، والمساهمة في نشر الوعي حول الانتهاكات الإنسانية التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع المتمردة هذا الدعم يساهم في تخفيف المعاناة وتعزيز الجهود الرامية إلى تحقيق العدالة.

 

تأثير المتلقي على الجهود الدولية

 

الرأي العام المحلي لا يقتصر تأثيره على المستوى الداخلي فقط، بل يمتد إلى المستوى الدولي. يمكن للضغوط الشعبية أن تدفع الدول الكبرى والمؤسسات الدولية إلى اتخاذ مواقف أكثر حزمًا تجاه مليشيا الدعم السريع المتمردة . المظاهرات و التجمعات الداعمة للمؤسسة العسكرية و لمؤسسات الدولة ، حملات التوقيع ، والضغط عبر وسائل التواصل الاجتماعي هي أمثلة على كيفية تأثير المتلقي على السياسة الدولية.

 

الدور الإيجابي للمتلقي

 

في ظل جميع ما سبق تبرز الحوجة  للدور الإيجابي الذي يمكن أن يلعبه المتلقي في دعم الإعلام و المؤسسة العسكرية ، هذا الدور بالتأكيد سيقلل من تأثير الهجمات المضادة و التضليل والتشويش الممنهج مما يجعل هذا الدور محور حيوي لضمان فعالية الإعلام العسكري و تعزيز الروح المعنوية . فيما يلي بعض الأدوار الهامة التي يجب أن يقوم بها المتلقون :

 

1. التحقق من المصادر : الحرص على الحصول على المعلومات من مصادر موثوقة ومعروفة بدقتها مع التأكيد على تجنب نشر المعلومات من مصادر غير موثوقة أو مشبوهة.

 

2. التثقيف الذاتي : متابعة الأخبار والتقارير من مصادر موثوقة لزيادة الوعي وفهم الوضع الحقيقي و المشاركة في برامج وورش عمل تهدف إلى تعزيز الوعي الإعلامي ومعرفة أساليب التضليل الإعلامي.

 

3. التفاعل الإيجابي : عن طريق المشاركة بفعالية في منصات التواصل الاجتماعي لدعم الرسائل الإيجابية مع التفاعل مع المحتوى الرسمي للإعلام العسكري بنشر التعليقات والمشاركات الإيجابية .

 

4. التبليغ عن المعلومات المشبوهة : الإبلاغ عن الحسابات والمنشورات التي تنشر معلومات مضللة أو تشويشية و التعاون المباشر مع الجهات المختصة في التبليغ عن أي نشاط مشبوه يهدف إلى زعزعة الثقة في الإعلام العسكري .

 

5. التحلي بالصبر والثقة : الإيمان بقدرات القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى و التحلي بالصبر في مواجهة حملات التشويش وعدم الانسياق وراء الشائعات.

 

6. نشر الوعي : توعية الآخرين حول أهمية الإعلام العسكري ودوره في نقل الحقائق مع تنظيم حملات توعوية لتوضيح مخاطر التضليل الإعلامي والتشويش الممنهج .

 

7. التعاون مع الإعلام العسكري : التعاون مع الجهات الإعلامية العسكرية من خلال توفير المعلومات الصحيحة عند الحاجة و دعم المبادرات التي تهدف إلى تعزيز الإعلام العسكري ومكافحة التشويش.

 

8. عدم نشر المعلومات الحساسة : الامتناع عن نشر أي معلومات قد تضر بالأمن القومي أو أماكن تواجد القوات على الأرض مما يعطي فرصة للعدو لاستغلالها مع الحرص على توخي الحذر في مشاركة الأخبار المتعلقة بالقوات المسلحة والعمليات العسكرية.

 

9. دعم الجهود المجتمعية : المشاركة في الأنشطة والمبادرات المجتمعية التي تدعم القوات المسلحة والإعلام العسكري و ذلك بتزكية و تعزيز الروح الوطنية من خلال الفعاليات الثقافية والاجتماعية.

 

10. كسر دائرة الشائعات : و يتم ذلك بمواجهة الشائعات بالحقائق وتوضيحها للآخرين و عدم المساهمة في نشر الشائعات أو المعلومات غير المؤكدة.

 

11. المشاركة في حملات التوعية الرقمية : المساهمة في إنشاء و نشر محتوى توعوي على الإنترنت حول أهمية الإعلام العسكري و طرق التعرف على الأخبار المضللة و التكثيف من استخدام الهاشتاغات والوسوم المناسبة لزيادة وصول المحتوى التوعوي.

 

12. تعزيز التعاون المجتمعي : تشجيع الحوار المجتمعي حول دور الإعلام العسكري وأهمية التصدي للتضليل عن طريق إقامة ندوات وورش عمل بالتعاون مع المؤسسات التعليمية ومنظمات المجتمع المدني.

 

13. التدريب على مهارات التفكير النقدي : اكتساب وتطبيق مهارات التفكير النقدي لتحليل الأخبار والمعلومات و المساعدة في تدريب الآخرين على كيفية التحقق من الأخبار وتمييز الأخبار الصحيحة من الزائفة .

 

14. دعم الجهود الحكومية : المشاركة في المبادرات الحكومية التي تهدف إلى تعزيز الأمن الإعلامي و تقديم الاقتراحات والملاحظات للجهات المعنية لتحسين أداء الإعلام العسكري.

 

15. مواجهة الدعاية السلبية : بالتصدي بشكل مباشر للدعاية السلبية عبر نشر الحقائق والتصحيح الفوري للمعلومات الخاطئة مع دعم الحملات الإعلامية المضادة التي تهدف إلى تفنيد الأكاذيب والشائعات.

 

16. الاحتفاظ بالأدلة : جمع وتوثيق الأدلة على التضليل والتشويش الإعلامي لاستخدامها في حملات التوعية أو التقارير الإعلامية بالإضافة غلى تقديم المساعدة للجهات المختصة في جمع الأدلة الضرورية لاتخاذ الإجراءات المناسبة .

 

17. التحلي بالمسؤولية الإعلامية : الالتزام بمعايير السلوك الإعلامي المسؤولة عند نشر أو مشاركة أي محتوى مع عدم المساهمة في نشر الذعر أو الفوضى عبر تداول معلومات غير مؤكدة .

 

18. التفاعل مع الإعلام العسكري : المشاركة في برامج الإعلام العسكري والتفاعل معها لتعزيز الروابط والثقة المتبادلة مع الحرص على تقديم الملاحظات البناءة لتحسين المحتوى الإعلامي العسكري.

 

19. التصدي للعزلة المعلوماتية : التأكد من وصول المعلومات الصحيحة إلى الفئات المهمشة أو التي قد تكون أقل وصولاً للمعلومات و التعاون مع منظمات المجتمع المدني لتوفير المعلومات الموثوقة في المناطق النائية.

 

20. التركيز على الرسائل الإيجابية : دعم ونشر القصص الإيجابية والإنجازات التي تحققها القوات المسلحة بالإضافة للعمل على رفع الروح المعنوية من خلال تسليط الضوء على النجاحات والجهود المبذولة.

 

21. الاستفادة من التكنولوجيا : استخدام التكنولوجيا الحديثة والأدوات الرقمية للتحقق من الأخبار ومكافحة التضليل و السعي للمشاركة في تطوير تطبيقات أو منصات تهدف إلى تعزيز الوعي الإعلامي و مكافحة الأخبار الكاذبة.

 

22. تشجيع الحوار العائلي : مناقشة المواضيع المتعلقة بالإعلام العسكري وأهمية التصدي للتضليل داخل الأسرة و تعليم الأطفال والشباب كيفية التعامل مع المعلومات المضللة وتوعيتهم بخطرها.

 

ختاماً :

 

إن دور المتلقي في الحرب على مليشيا آل دقلو الإرهابية هو دور محوري ومتنوع . يتراوح تأثيره من تشكيل الرأي العام والتأثير على السياسات المحلية والدولية، إلى دعم الجهود الإنسانية والمساهمة في توعية المجتمع. يبقى التفاعل الواعي والمسؤول مع المعلومات والأحداث هو السبيل الأمثل لتحقيق تأثير إيجابي ومستدام في مثل هذه الصراعات المعقدة.

من خلال تعزيز هذه الدور ، يمكن للمتلقي أن يكون درعًا واقيًا و أن يلعب دوراً حيوياً في دعم الإعلام العسكري و تقليل تأثير الهجمات المضادة و التضليل والتشويش الممنهج ، مما يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار الوطني و المساهمة في بناء مجتمع واعٍ و متماسك قادر على مواجهة التحديات الإعلامية المضادة .