دائمًا في الحروب، وبشكل خاص، يتصدر المشهد مكتب الناطق الرسمي وتبرز أهميته من كونه أداة الربط الموثوقة بين الشعب ومجريات الأحداث، ومن خلاله يستقي معظم الإعلاميين ووكالات الأنباء المحلية والإقليمية والعالمية المعلومات الدقيقة والحقيقية لما يجري على الأرض. لذا، فإن أي ضعف أو وهن يصيب هذا المكتب يؤثر سلبًا على وصول المعلومة لطالبيها ويجعلهم عرضة للأخبار المضللة والشائعات التي تنهش في معنويات منسوبي وداعمي القوات المسلحة.
لذا، من الطبيعي أن نلاحظ مطالبة أغلب الناس منذ بداية الحرب بتحسين أداء الناطق الرسمي، وينادي البعض الآخر بضرورة ظهور الناطق الرسمي للقوات المسلحة بشكل يومي خلال الحرب. بل امتد الأمر بآخرين إلى نقد الطريقة التي يستخدمها الناطق الرسمي في إيصال المعلومة، وذهب جزء آخر إلى انتقاد الناطق الرسمي في شخصه ووصفه بأنه غير مناسب لهذا المنصب (التحدث باسم مكتب الناطق الرسمي) على الأقل في هذا الظرف التاريخي.
إذا كان الناس يرون أن أداء مكتب الناطق الرسمي للقوات المسلحة غير مرضٍ، فمن وجهة نظري يمكن أن يعود هذا لعدة أسباب تتعلق أولًا بسقف توقعاتهم وما الذي يريدون سماعه بالإضافة إلى مستوى الشفافية والمصداقية في التصريحات الرسمية. وفيما يلي بعض النقاط التي قد تفسر هذا الانطباع :
1. قلة الشفافية والمعلومات المتناقضة : قد يشعر الجمهور بعدم الثقة إذا كانت المعلومات المقدمة غير كاملة أو متناقضة. في الأزمات، يتوقع الناس الحصول على معلومات دقيقة وشفافة حول الأحداث الجارية.
٢. التأخير في الاستجابة : التأخير في إصدار البيانات والتصريحات يمكن أن يخلق فراغًا إعلاميًا تستغله الأطراف الأخرى لنشر المعلومات الخاصة بها، مما يؤثر سلبًا على صورة القوات المسلحة لدى منسوبيها ومناصريها.
٣. التأثير النفسي للحرب : مع تصاعد النزاع وتفاقم الأزمات الإنسانية، قد يصبح الناس أكثر انتقادًا لأي تصريحات رسمية لا تعكس حجم المعاناة التي يعيشونها.
٤. وسائل الإعلام البديلة : اعتماد الناس على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام البديلة للحصول على الأخبار قد يساهم في تشكيل صورة مغايرة للواقع، خاصة إذا كانت هذه المصادر تنقل معلومات مغايرة لما يقدمه الناطق الرسمي.
٥. التعاطف مع الضحايا : التركيز الإعلامي على الضحايا والمعاناة الإنسانية يمكن أن يعزز مشاعر السخط تجاه الأطراف المتنازعة، بما في ذلك القوات المسلحة.
٦. الحملات الإعلامية المضادة : قد تكون هناك حملات إعلامية مضادة تهدف إلى تشويه صورة القوات المسلحة وبالتالي النيل من مصداقية مكتب الناطق الرسمي متمثلا في المتحدث باسم المكتب ، مما ينعكس سلبًا على الأداء الإعلامي العسكري.
لتحسين هذا الوضع ، يمكن لمكتب الناطق الرسمي للقوات المسلحة العمل على تعزيز الشفافية والمصداقية في تصريحاتها، وتسريع وتيرة الاستجابة الإعلامية، والتفاعل بفعالية مع مخاوف الجمهور. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام منصات التواصل الاجتماعي بشكل أكثر فعالية لتقديم المعلومات المباشرة والصحيحة، وهذا ما نراه يحاول مكتب الناطق الرسمي والمسؤولون عن المنصات عبر وسائل التواصل المختلفة القيام به.
في المقال القادم نواصل ...