الآن، وفي هذا الجزء الثاني من المقال الخاص بمكتب الناطق الرسمي، وكما ذكرنا في منهجيتنا لتناول عمل الإعلام العسكري، دعونا نستعرض الأمر بعيدًا عن العاطفة وبمزيد من الموضوعية فيما يجب أن يكون وفيما يقوم به، والتطرق إلى السلبيات والتحديات التي يمكن أن تواجه عمل الناطق الرسمي وتؤدي إلى عدم ظهوره بالشكل المرضي لعامة الشعب الداعم لقواته المسلحة.
لذا دعونا بداية نتناول أداء المتحدث باسم مكتب الناطق الرسمي، فمن الملاحظ في أول فترات الحرب على قوات الدعم السريع المتمردة، أنبرى المتحدث باسم المكتب لكل التساؤلات التي كانت تُثار عبر القنوات الإخبارية بالتواصل المباشر عبر الهاتف في بث مباشر مع عدد من القنوات الإخبارية، وكان يتم الإجابة بشكل دوري. ومن ثم انتقل به الأمر إلى أن يكون هناك إيجاز يومي عبر تلفزيون السودان بصورة مسموعة يشوبها شيء من الرتابة في نبرة الصوت بصورة خاصة، والتي كانت لا تتوافق مع الأحداث الجارية، وهو ما قاد إلى موجة عارمة من السخط من البعض، حيث كان هو نفسه الإيجاز الصوتي الذي يتم بثه أيضًا عبر الصفحات الرسمية للقوات المسلحة على مواقع التواصل بالإضافة للإيجاز المكتوب، حيث كان يعرض بالإضافة للغة العربية باللغتين الإنجليزية والفرنسية، مما كان له الأثر في إيصال المعلومة لوسائل الإعلام العالمية.
ومع المطالبة الدائمة للشعب بالظهور المرئي للمتحدث باسم مكتب الناطق الرسمي للقوات المسلحة ، أسوة بما يرونه من أقرانه في جميع الحروب التي شهدتها المنطقة ، دعونا بصورة عامة نتفق أن الظهور المرئي للمتحدث باسم المكتب له عدد من الفوائد والأضرار التي تعتمد على كيفية إدارة هذا الظهور وتوقيته ومحتواه .
من أهم الفوائد :
1. توفير المعلومات المحدثة بشكل منتظم : يمكن للجمهور الحصول على معلومات محدثة حول سير العمليات العسكرية وتطورات الوضع الأمني، مما يقلل من انتشار الشائعات.
2. تعزيز الثقة والشفافية : الظهور المنتظم يعزز الشفافية ويبني الثقة بين الجمهور والقوات المسلحة، خاصة إذا كانت المعلومات دقيقة وموثوقة.
3. رفع الروح المعنوية : التواصل المستمر يمكن أن يرفع من معنويات الجنود والمواطنين على حد سواء، ويظهر الاستعداد والقدرة على إدارة الأزمات.
4. التوجيه والإرشاد : تقديم تعليمات واضحة للجمهور حول كيفية التصرف في حالات الطوارئ أو الأزمات الأمنية يمكن أن يكون فعالًا في الحفاظ على النظام والأمان.
5. إظهار الوحدة الوطنية ما بين الشعب وقواته المسلحة : يمكن للظهور اليومي أن يعزز الوحدة الوطنية ويظهر التلاحم بين القيادة العسكرية والشعب في مواجهة التحديات.
وكما ذكرنا، فإن الظهور المرئي اليومي قد يسبب العديد من الأضرار منها :
1. الإرهاق الإعلامي : الظهور اليومي قد يؤدي إلى إرهاق الجمهور وفقدان الاهتمام بمرور الوقت، مما يقلل من تأثير الرسائل الإعلامية.
2. مخاطر أمنية : تكرار الظهور قد يزيد من احتمالية الكشف عن معلومات حساسة أو استراتيجيات عسكرية يمكن أن يستغلها العدو.
3. سوء الفهم والتفسير : قد يتسبب الظهور المتكرر في سوء تفسير التصريحات أو تضارب المعلومات، مما قد يثير القلق أو الذعر بين المواطنين.
4. تعرض الناطق للضغوط : الضغوط المستمرة لتوفير معلومات جديدة ومثيرة قد تؤدي إلى الأخطاء أو التصريحات غير المدروسة.
5. التشتت الإعلامي : التركيز المستمر على الناطق الرسمي قد يشتت الانتباه عن جهود أخرى مهمة تقوم بها القوات المسلحة أو الجهات الحكومية الأخرى.
لكي يتم الاستفادة القصوى من الظهور الإعلامي المرئي يجب العمل على التوازن بين الفوائد والأضرار وضمان تحقيق الفوائد وتجنب الأضرار.
ومما يمكن أن يُفعل في هذا الصدد من قبل الناطق الرسمي :
1. تحضير المعلومات بعناية : إعداد التصريحات بعناية لتجنب تسريب أي معلومات حساسة.
2. التنسيق مع الجهات الأخرى : التأكد من تنسيق الرسائل مع باقي الجهات الحكومية لضمان الاتساق والدقة.
3. التفاعل مع الجمهور : تقديم ردود على استفسارات الجمهور بشكل شفاف لتقليل الشائعات والمعلومات المغلوطة.
4. الحفاظ على المهنية والهدوء : التعامل مع المواقف ببرود وحكمة لتجنب التصريحات الانفعالية أو غير الدقيقة.
بهذا النهج المتوازن، يمكن للظهور اليومي المرئي إذا ما قرر مكتب الناطق الرسمي ذلك أن يكون أداة فعالة في إدارة الأزمات وتوجيه الرأي العام بشكل إيجابي.
ختاماً :
في نهاية هذا الجزء يجب أن نعلم بأن مكتب الناطق الرسمي للقوات المسلحة محاط بعدد من القيود الإضافية الناتجة من طبيعة المؤسسة مقارنة بقرنائه في الجهات الأخرى ، وما يهمنا هنا هو التواصل مع الجمهور و الوسائل الإعلامية المختلفة بأي وسيلة مناسبة تفي بالمتطلبات وفقاً للصلاحيات و الامكانيات المتوفرة .
في المقال القادم نواصل ..