الإعلام الرسمي يلعب دورًا أساسيًا في دعم المؤسسة العسكرية خلال الحروب التي تواجه الدولة. لا يقتصر هذا الدور على تغطية الأحداث العسكرية فحسب، بل يمتد ليشمل تعزيز الروح الوطنية، توحيد الجبهة الداخلية، وتوجيه الرأي العام بشكل يدعم الأهداف الاستراتيجية للدولة. يعتمد نجاح هذا الدور على قدرة الإعلام على تقديم صورة متوازنة وواقعية للأحداث، مع التأكيد على الجوانب التي تعزز الثقة في القوات المسلحة وتقوي موقفها في مواجهة التحديات .
خلال حرب العراق في عام 2003، لعب محمد سعيد الصحاف ، الذي كان يشغل منصب وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية ، دورًا بارزًا و رئيسًا في نقل الرسائل الحكومية للعالم . اشتهر الصحاف بتصريحاته المتحدية والمليئة بالتفاؤل حتى مع تقدم القوات الأمريكية نحو بغداد. كان يؤكد باستمرار أن "الغزاة" محاصرون وأن الجيش العراقي يحقق الانتصارات، مما ساهم في رفع الروح المعنوية للشعب لفترة مؤقتة. رغم أن تصريحاته لم تكن تعكس الواقع العسكري على الأرض، إلا أن دوره كان واضحًا في تقديم رواية الحكومة العراقية وتحفيز الدعم الشعبي للقوات المسلحة.
من خلال الحرب التي تدور رحاها في البلاد نتيجة تمرد مليشيا آل دقلو الإرهابية ومذ بدايتها شكل الإعلام الرسمي غياباً ملحوظاً مما زاد العبء على المؤسسة العسكرية للعب كل الأدوار و خاصة في مجال الإعلام .
كلنا يعلم أن الدول الداعمة للمليشيا و الجهات السياسية التي أعطت الغطاء السياسي لهذه القوة الإرهابية ما فتئت تحاول تصوير الحرب على الدولة و كأنما هي حرب بين قوتين شرعيتين في البلاد أو كما يحلو لبعض هذه القوة تصويرها كحرب بين جنرالين و لكن حقيقة الأمر التي يعلمها الكل هي حرب بين مليشيا متمردة ساقتها أحلام و طموحات قادتها و الدول الراعية لها أن تقف في وجه الدولة لا في وجه القوات المسلحة و فقط ، لذا عدم الظهور الإعلامي للمتحدث الرسمي باسم الحكومة متمثلة في وزير إعلامها في بداية الحرب كان له الدور السالب في تأكيد هذه الرواية و جعل ذلك من الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الجهة الوحيدة التي تستقي منها وسائل الاعلام المحلية و الاقليمية و العالمية الأخبار المتعلقة بما يجري بالبلاد .
أيضاً الجهات الرسمية الأخرى التي لو كان متحدثوها الرسميون يظهرون في الساحة الإعلامية لكان ذلك أدعى لتأكيد أن هذه الحرب ضد جميع مؤسسات الدولة و لقلل ذلك من الدور الملقى على عاتق الإعلام العسكري ومن قبله مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة ، كالمتحدث باسم وزارة الخارجية و المتحدث باسم وزارة الداخلية مما كان سيكون له الأثر الأبلغ في توزيع المهام و توحيد الرسالة الإعلامية كدولة ضد هذه المليشيا المتمردة .
دور المتحدث باسم الحكومة في دعم المؤسسة العسكرية
1. نشر الرسائل التفاؤلية والتحدي : الظهور بانتظام على وسائل الإعلام المحلية والعالمية، وتقديم تقارير عن تطورات الحرب و مجرياتها . هذا النهج كان سيهدف إلى رفع الروح المعنوية للشعب والجنود في الجبهات.
2. توضيح الموقف الرسمي : يجب على المتحدث الرسمي توضيح موقف الحكومة من مليشيا الدعم السريع، بما في ذلك الأسباب وراء النزاع وأهداف الحكومة في هذه الحرب.
3. تفسير السياسات : يتوجب عليه شرح السياسات الحكومية المتعلقة بمواجهة مليشيا الدعم السريع، وكيفية تأثيرها على الأمن والاستقرار في البلاد.
4. تقديم الحقائق : من المهم أن يقدم المتحدث الرسمي معلومات دقيقة وموثوقة حول الأحداث، لتجنب الشائعات والمعلومات المغلوطة.
5. التأكيد على الحلول السلمية : إذا كانت هناك جهود لحل النزاع بشكل سلمي ، يجب على المتحدث الرسمي تسليط الضوء على هذه الجهود وشرحها للجمهور.
6. إدارة الأزمات : في حالة حدوث أي أزمات أو تطورات مفاجئة، يجب أن يكون المتحدث الرسمي جاهزًا لتقديم تحديثات فورية وشفافة.
7. تعزيز الثقة : يعمل المتحدث الرسمي على تعزيز الثقة بين الحكومة والشعب من خلال الشفافية والتواصل الفعال.
هذه النقاط تعكس الدور الحيوي الذي يلعبه المتحدث الرسمي في إدارة الأزمات والتواصل مع الجمهور خلال الحروب .
الدور الإعلام الرسمي في دعم القوات المسلحة
1. تعزيز الروح الوطنية : في أوقات الحرب، يكون من الضروري للإعلام الرسمي أن يشحذ الهمم ويرفع الروح المعنوية للشعب . يتجلى ذلك من خلال بث برامج وأفلام وثائقية و تقارير تظهر بطولات القوات المسلحة وصمودها في وجه التحديات . الإعلام الرسمي ينقل هذه الصورة إلى الجمهور ويبرز مدى التضحيات التي تقدمها المؤسسة العسكرية من أجل حماية الوطن بالإضافة لتنظيم حملات إعلامية تركز على الوحدة الوطنية والدعم الشعبي للجيش في مواجهة الغرف الإعلامية لمليشيا آل دقلو الارهابية .
2 . استخدام المتحدثين الرسميين لتعزيز الرواية الرسمية : خلال الحروب ، تلعب الشخصيات الإعلامية الرسمية دورًا رئيسيًا في توجيه الخطاب الإعلامي والسياسي. يعمل المتحدثون الرسميون على تعزيز الثقة في المؤسسة العسكرية وتقديم تفسير حكومي موحد لتطورات الأحداث. هؤلاء المتحدثون يمثلون حلقة الوصل بين الحكومة والشعب، ويساهمون في تهدئة القلق وتوجيه الدعم .
3. توحيد الرسائل الإعلامية : تنسيق الرسائل الإعلامية بين الإعلام الرسمي والعسكري لضمان تناسق المعلومات والرسائل الموجهة للجمهور و تقديم سردية موحدة تدعم جهود القوات المسلحة وتوضح الموقف الرسمي من الأحداث الجارية .
4. التعاون مع وسائل الإعلام الخاصة : التعاون مع وسائل الإعلام الخاصة لضمان تغطية واسعة وشاملة للأحداث والعمليات العسكرية و توفير المعلومات والتقارير للصحفيين من خلال مؤتمرات صحفية وبيانات رسمية منتظمة .
5. توحيد الجبهة الداخلية وتوجيه الرأي العام : الإعلام الرسمي يعمل على توحيد الجبهة الداخلية و توجيه الرأي العام نحو دعم القرارات السياسية والعسكرية . في حالات الحروب ، تكون المعلومات الحساسة والتحليل الدقيق للأحداث مهمين للحفاظ على وحدة الشعب .
6. نشر المعلومات الصحيحة : توفير منصة رسمية لنشر الأخبار والمعلومات الصحيحة المتعلقة بالعمليات العسكرية و تقديم التحديثات المستمرة حول الوضع الميداني من مصادر موثوقة لتجنب انتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة.
7. مكافحة الشائعات والتضليل الإعلامي . خلال فترات الحرب، تنتشر الشائعات والمعلومات المضللة التي تستهدف تقويض الثقة في المؤسسة العسكرية أو إثارة الفتنة بين الشعب. هنا يأتي دور الإعلام الرسمي في دحض هذه الشائعات، وتصحيح المعلومات الخاطئة. الإعلام يلعب دورًا وقائيًا في حماية الشعب من حملات التشويه التي تشنها مليشيا آل دقلو الإرهابية و الجهات الداعمة لها .
8. التوعية بالمخاطر الأمنية : نشر التوعية حول المخاطر الأمنية والتدابير التي يجب اتباعها للحفاظ على السلامة العامة بالإضافة لتوجيه النصائح والإرشادات للجمهور حول كيفية التعامل مع حالات الطوارئ والأوضاع الأمنية غير المستقرة.
9. استخدام الإعلام الرقمي : الاستفادة من منصات التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات والتحديثات بسرعة وفعالية و تطوير محتوى رقمي يتناسب مع الجمهور المستهدف ويعزز من قدرة الإعلام الرسمي على الوصول إلى أكبر شريحة من المجتمع.
10. تغطية إنجازات المؤسسة العسكرية وتسليط الضوء على التحديات : من مهام الإعلام الرسمي تسليط الضوء على الإنجازات الميدانية للمؤسسة العسكرية، بما في ذلك الانتصارات والعمليات الناجحة . في الوقت نفسه، يقوم بتقديم تقارير متوازنة عن التحديات التي تواجه القوات المسلحة، مما يمنح المواطنين فكرة واقعية عن طبيعة الحرب وصعوباتها.
11. التواصل مع المجتمع الدولي وبناء التحالفات : الإعلام الرسمي لا يخاطب فقط الجمهور المحلي، بل يمتد دوره إلى التأثير في الرأي العام الدولي، وبناء التحالفات مع الدول الأخرى. عن طريق وسائل الإعلام، يمكن للحكومة أن تروج لموقفها العسكري وتوضح مبررات الحرب أو الدفاع .
12. إقامة الشراكات الإعلامية الدولية : عن طريق التعاون مع وسائل الإعلام الدولية لتقديم صورة واقعية للأحداث وكسب الدعم الدولي و أهمية ذلك في الرد على التقارير السلبية أو المنحازة التي قد تصدر عن وسائل إعلام أجنبية و توضيح الحقائق .
13. التوثيق والأرشفة : توثيق جميع العمليات العسكرية والأحداث الجارية بشكل منهجي لخلق مرجع تاريخي يمكن العودة إليه و إعداد أرشيف يحتوي على مقاطع فيديو، صور، وتسجيلات صوتية تبرز الحقائق وتوثق الجرائم التي ترتكبها المليشيا .
14. التواصل مع الجمهور : فتح قنوات تواصل مباشرة مع الجمهور لتلقي الاستفسارات والشكاوى والرد عليها بشكل سريع وفعال والحرص على تنظيم لقاءات وحوارات مفتوحة مع المسؤولين العسكريين والرسميين لزيادة الشفافية وبناء الثقة .
15. إبراز دور الجنود والقيادات العسكرية : إحدى الطرق التي يعزز بها الإعلام الرسمي دعم المؤسسة العسكرية هي عبر تسليط الضوء على قصص الجنود و القادة . مع إبراز التضحيات والبطولات الفردية مما يعزز العلاقة بين الجيش والشعب ويجعل الناس يشعرون بالفخر والاعتزاز بقواتهم المسلحة .
16. الدعم معنوي لأسر العسكريين : عبر تقديم برامج خاصة لدعم أسر الجنود والشهداء وتسليط الضوء على تضحياتهم و أحوالهم المعيشية .
17. التدريب والتأهيل : تنظيم دورات تدريبية للكوادر الإعلامية حول كيفية التعامل مع المعلومات الحربية والتغطية الإعلامية للأزمات و تطوير مهارات الصحفيين في مجال التحقيق الصحفي والتعامل مع الأخبار العاجلة والأوضاع الطارئة.
من خلال هذه الأدوار ، يمكن للإعلام الرسمي أن يلعب دورًا حيويًا في مساندة الإعلام العسكري، مما يسهم في تعزيز الجبهة الداخلية وتوفير الدعم اللازم للقوات المسلحة في مواجهة التحديات الأمنية والإرهابية .
ختاماً :
الإعلام الرسمي يعد ركيزة أساسية في إسناد المؤسسة العسكرية أثناء الحروب. من خلال تعزيز الروح الوطنية، توجيه الرأي العام، مكافحة الشائعات، وإبراز إنجازات الجيش، يساعد الإعلام في بناء جبهة داخلية قوية ودعم الجهود العسكرية للدولة. تعد الأمثلة السابقة نماذج حية لدور الإعلام في أوقات الأزمات والحروب، حيث يسهم بشكل فعّال في تشكيل الواقع والحفاظ على استقرار الدولة خلال فترات الاضطرابات.