كما أسلفنا في المقال السابق أن صحيفة القوات المسلحة تمثل احد اضلاع المثلث الذي يمثل ضلعيه الآخرين الاذاعة و التلفزيون . ولم يكن ما أصابهما بعيداً عن ما آل إليه حال الصحيفة ، إبان تمرد مليشيا الدعم السريع الإرهابية في الخامس عشر من أبريل من العام 2023م .
دعونا في البدء نتحدث عن التلفزيون العسكري الذي شكل غياباً تاماً منذ اندلاع تمرد مليشيا الدعم السريع المشئوم وتوقفت برامجه التي كانت تبث عبر قناة السودان و قناة النيل الأزرق و حتى هذه البرامج في وقتها كانت شحيحة بالنسبة للدور المرجو أن يلعبه التلفزيون العسكري . وقولنا هذا ليس من فراغ ففعليا كان هنالك فقط برنامجين أحدهما أسبوعي وهو برنامج مجلة جنود الوطن و كان يبث الجمعة من كل أسبوع عبر تلفزيون السودان و البرنامج الاخر برنامج نجوم و غيوم وهو برنامج موسمي مرتبط بالعيدين وهو البرنامج الذي يبث عبر قناة النيل الأزرق .
1. برنامج جنود الوطن :
- المحتوى والأهداف : يركز البرنامج على إبراز الجوانب المختلفة لحياة الجنود السودانيين، ويعرض التحديات التي يواجهونها، وتضحياتهم من أجل الوطن. قد يشمل البرنامج مقابلات مع الجنود، تقارير ميدانية من مواقع خدمتهم، وتغطية للفعاليات والأنشطة العسكرية.
- الجمهور المستهدف : يهدف إلى الوصول إلى جمهور واسع من الشعب السوداني، بالإضافة إلى عائلات الجنود وأصدقائهم، لتعزيز الفخر والتقدير لدور القوات المسلحة.
- الرسالة : يسعى إلى تعزيز روح الوطنية والفخر بالقوات المسلحة السودانية، وتسليط الضوء على الجهود الكبيرة التي يبذلها الجنود في حماية الوطن والمحافظة على أمنه واستقراره.
2. برنامج نجوم و غيوم :
- المحتوى والأهداف : برنامج منوعات يتناول حياة النجوم والمشاهير من أفراد القوات المسلحة السودانية. البرنامج يمكن أن يحتوي على فقرات ترفيهية متنوعة، مثل الموسيقى والفنون التي يشارك فيها أفراد القوات المسلحة.
- الجمهور المستهدف : يهدف إلى جذب جمهور واسع من مختلف فئات المجتمع السوداني، مع التركيز على الجنود وعائلاتهم، وأيضًا عامة الشعب.
- الرسالة : يسعى إلى تقديم جانب آخر من حياة الجنود، خارج نطاق العمل العسكري، لإبراز مواهبهم واهتماماتهم الشخصية، والمساهمة في بناء صورة متكاملة عن الجنود كبشر لهم اهتمامات وهوايات خارج إطار عملهم الأساسي.
قدر لي أن أكون ممن واكبوا التطور الملحوظ الذي رافق أداء التلفزيون عبر البرنامجين أعلاه مع وجود رؤية تحليلة بعد بث كل حلقة تفند و تنقد جميع سلبياتها قبل ايجابياتها التي رغم كثرتها في حينها الا أن القائمين على الأمر كان يهمهم إظهار السلبيات لمحاولة تلافيها في الحلقات القادمة كل ذلك للوصول إلى أفضل المستويات و هذا مما يحمد لهذا القطاع المهم في الإعلام العسكري فايصال الرسالة عبر الوسائل المرئية أكثر أثراً من الوسائل المسموعة و المقروءة و استمر التطور الملحوظ في أداء مجلة جنود الوطن التي تسببت الحرب في توقف اصدارها و مع استمرار الحرب كانت هنالك بعض المحاولات للوجود في ساحة الإعلام المرئي عبر برنامجين تم بثهما عبر التلفزيون القومي البرنامج الأول باسم نفير الوطن و أما الثاني فكان بعنوان كرامة وطن . لكن الملاحِظ للأداء العام في هذا القطاع في رأيي المتواضع يجد أن ارتباط الانجاز لا ينبع من الأداء المؤسسي ولكن يتم بناءً على رؤية الأشخاص واجتهاداتهم ويكون مرتبطاً بهم ، و هذا بالطبع ليس حكراً هنا فقط بل طال ذلك كل مؤسسات الدولة فالمؤسسية بشكل عام يعتبر الالتزام بها ضرباً من ضروب الخيال .
أما فيما يخص الإذاعة فأغلبية الشعب السوداني لهم عشق خاص و ارتباط وثيق بالمذياع رغم التطور الملحوظ في الوسائل و الأوعية الإعلامية و امتد هذا الاهتمام ليطال إذاعة صوت القوات المسلحة دوناً عن التلفزيون و الصحيفة حيث كان لها نصيب الأسد في الاهتمام الموجه نحو الإعلام العسكري . بذل القائمون على أمر الإذاعة جهود مضنية لمعاودة البث بعد انقطاعه بسبب تمرد المليشيا التابعة لآل دقلو الارهابية وهذا مما يحمد لهم لمعرفتهم التامة بأهمية وجود صوت عبر الأثير يمثل القوات المسلحة و يكون متكئاً للجمهور لتلقي المعلومات و الأخبار الموثوقة ، حيث استعادت الإذاعة بثها من استديوهات إذاعة الدامر المجتمعية بمدينة الدامر . تنوعت عودة البث ما بين البث عبر الانترنت و البث عبر الأقمار الصناعية حتى توقف البث في الشهر المنصرم .
تأسست هذه الإذاعة لتكون وسيلة لنقل الأخبار والمعلومات التي تخص الجيش السوداني، بالإضافة إلى تعزيز الروح الوطنية ودعم العمليات العسكرية والسياسية التي تقوم بها القوات المسلحة.
تتضمن برامج الإذاعة تغطية واسعة للأحداث العسكرية، بيانات رسمية من الجيش، بالإضافة إلى برامج توعوية وتثقيفية تهدف إلى تعزيز الفهم العام لدور القوات المسلحة في حماية البلاد وحفظ الأمن. كما تقدم الإذاعة برامج ترفيهية وثقافية لجمهورها من أفراد القوات المسلحة والمواطنين .
تكمن أهمية الإذاعة و التلفزيون القوات المسلحة في :
1. رفع الروح المعنوية : الإسهام في رفع الروح المعنوية للجنود و أفراد القوات المسلحة من خلال بث البرامج التي تبرز إنجازاتهم و تضحياتهم في حرب الكرامة .
2. تغطية الأنشطة العسكرية : نقل الأحداث و الانشطة العسكرية المختلفة مثل التدريبات و المناورات - خاصة المرئي منها - مما يساعد في تعزيز الشفافية و بناء ثقة المواطنين في القوات المسلحة .
3. نشر الوعي الوطني : الإسهام في نشر الوعي الوطني وتعزيز الانتماء بين المواطنين، من خلال بث برامج توضح دور القوات المسلحة في حماية البلاد والدفاع عن سيادتها.
4. إعلام الجمهور و توجيه الرسائل الرسمية : العمل على إعلام الجمهور بأحدث التطورات والأخبار المتعلقة بالقوات المسلحة والعمليات العسكرية، مما يساهم في تعزيز الشفافية وبناء الثقة بين القوات المسلحة والمواطنين .
5. تقديم معلومات دقيقة : القيام بتوفير معلومات دقيقة وموثوقة حول الأحداث العسكرية والأنشطة المختلفة، مما يساعد في مواجهة الشائعات والمعلومات المغلوطة التي قد تنتشر.
6. التواصل مع المجتمع : الإسهام في تعزيز التواصل بين القوات المسلحة والمجتمع المدني من خلال برامج تفاعلية تسمح للمواطنين بطرح أسئلتهم واستفساراتهم والحصول على إجابات مباشرة من مسؤولي القوات المسلحة.
7. الترويج للقيم الوطنية : تعزيز القيم الوطنية و المباديء العسكرية مثل الانضباط و التضحية و الشرف مما يدعم الهوية الوطنية و الانتماء لدى الجمهور .
8. التوعية والتثقيف : عن طريق تقديم برامج تثقيفية تهدف إلى توعية الجمهور حول دور القوات المسلحة وأهمية الأمن الوطني، وكذلك برامج تدريبية وتعليمية تستهدف العسكريين والمدنيين على حد سواء .
9. التغطية الإعلامية في أوقات الحروب و الكوارث : في أوقات الحروب و الكوارث يلعب الإعلام العسكري و خاصة الاذاعة و التلفزيون دوراً مهماً بالقيام بتوجيه و إرشاد المواطنين و توفير المعلومات المهمة للحفاظ على الأمن و السلامة العامة .
ختاماً :
تعتبر معركة الكرامة معركة إعلامية بامتياز لذا لابد من وجود إعلام عسكري مقروء و مسموع و مرئي بصورة فاعلة حيث يعتبر الإنتاج التلفزيوني المتخصص و الموجه نحو شرائح المجتمع المختلفة و توحيد الرسالة الإعلامية لجميع الجهات التي تقوم بانتاج الأعمال المرئية بما يكون له الأثر الأكبر في إبراز و ايصال حجم التضحيات المبذولة من القوات المسلحة و القوات النظامية الأخرى و المستنفرين و المواطنين للجمهور المستهدف .
أما إذاعة القوات المسلحة السودانية فهي تلعب دورًا مهمًا في التواصل ما بين أفراد القوات المسلحة والجمهور العام، كما تسعى لتعزيز الروح المعنوية وتوفير المعلومات الصحيحة في أوقات الأزمات والطوارئ ما أمكن ذلك . لذا يجب أن يتم الاهتمام بها و تذليل جميع العقبات لايصال إذاعة صوت القوات المسلحة ليغطي بثها ربوع الوطن فكما ذكرنا سابقاً تعتبر القلب النابض للاعلام العسكري وذلك لتوفر أجهزة الاستقبال في جميع الأماكن و لمختلف شرائح المجتمع .
