من الطبيعى أن تتشابه الطباع البشرية فكل شعب له ما يلتقى حوله من الصفات و السلوك و الطبائع ، أما أن تكون التركيبة النفسية لمجموعة ما متشابه إلى درجة التطابق فهذا ما لا يتفق مع سنة الاختلاف التي فطر البارئ جل جلاله الناس عليها و هذا ما يتطابق مع السلوك الجمعى للجنجويد رغم اختلاف مشاربهم .
الجنجويد هذه العبارة أول ظهورها في دارفور في ثمانينيات القرن الماضى ، بعض الناس يذهبون أنها دخيلة ظهرت في تشاد ثم انتقلت بعد ذلك إلى مجتمع دارفور و يستدَل على ذلك أن هذه المجوعة ظهرت فيها أولاً قبل ظهورها في دارفور و كانت تعنى (جن على ظهر جواد و يحمل بندقية ج 3) وهم مجموعة من المتفلتين و قطّاع الطرق من قبائل متفرقة ، كانوا يتنقّلون من منطقة إلى أخرى يمارسون النهب المسلح ، يروٍّعون الآمنين، يقتلون بلا رحمة و يستولون على حقوق الأخرين و يتصرّفون فيها و كأنها ملك لهم . تم تشبيههم بالجن لخفة حركتهم و إجادتهم للاختفاء و سلوكهم الشاذ الى لا يشبه سلوك بشر و الغموض الذي يكتنف إنتماءاتهم و تحركاتهم و أعمالهم الإجرامية.
هنالك من يرى أن مصطلح الجنجويد شائع الاستعمال في دارفور منذ زمن بعيد . ويعني به الشباب المنفلتين من قبائلهم والذين لا يتورعون عن ارتكاب الموبقات من نهب وفاحشة واعتداء على الغير . فالجنجويد القدامى كانوا متشابهين بل متفقين في كل شيء ، و القاسم المشترك الأعظم بينهم أنهم جميعاً كانوا من عتاة المجرمين كل واحد منه نبذته أسرته و تبرّأت منه قبيلته فأصبح هائماً على وجهه إلى أن وجد ضالته ممارسة النهب المسلح مع هؤلاء المجرمين الذين احترفوا ( الجنجويدية ) و اتخذوها مهنة يتكسبون منها .
شخصية الجنجويدى يمكن تصنيفها أنها شخصية متمردة على الأعراف و التقاليد القبلية أولا ثم المجتمعية ثانياً فالسلوك الجنجنويدى نشاذ غير مقبول لدى الجميع فهو منافى لكل الأعراف و العادات و التقاليد فضلاً عن الدين ، فالفرد منهم لا يؤمن أن هنالك كتاب و أن هنالك حسنات و أخرى سيئات و لا يؤمن أن هنالك بعث و نشور و حساب وهو لا يعرف أن للدماء حرمة و الأعراض مصانة و الأموال محمية يفعل ما يشاء بلا وازع من دين أو أخلاق كما لا يهمه كثيراً حساب أو عقوبة .
مليشيا الدعم السريع المتمردة أخذت من أسلافها قدامى الجنجويد كل قبيح فهى في تكوينها ضمت عتاة المجرمين المطاريد من شتات صحراء غرب إفريقيا ، و في أخلاقها تشرّبت بأخلاق الجنجويدى الذى لا عهد له و لا أخلاق و لا دين و في وسلوكها ورثت منهم كل سلوك مشين لا يمت إلى المكارم الإنسانية بصلة ، فأصبح الجنجنويدى المعاصر مسخاً و نسخة مكررة من سلفه و زاد عليه بعضاّ من سيئ السلوك كالتكبر و الجبروت ، بطر العيش ، الافتراء ، الكذب و تزييف الحقائق .
فالجنجويدى يمارس كل قبيح مارسه أسلافه الجنجويد القدامى و زاد عليها من سيئ السلوك فهو يمارس النهب و السلب مع ذلك يهلل و يكبر ، يعتدى على الحرمات و هو يهلل ويكبر ، يسفك الدماء و هو يهلل و يكبر و يخرب العامر و يدمر كل ما يجده أمامه و هو يهلل ويكبر ، يفعلون ذلك كله دون أن يطرف لهم جفن بل يظنون أنهم رسل خير أتوا ليبسطوا في الأرض سلاما و عدلاً ، و قد جهلوا أن للتكبير و التهليل قدسية و مقتضيات و من مقتضياتها عدم الاعتداء على الآخرين في أنفسهم و في اعراضهم و في ممتلكاتهم و عدم تخريب و تدمير مرافق الدولة . إنه لسلوك غريب إنهم مع أولئك مع الذين زين لهم الشيطان سوء عملهم فرأوه حسنا .
ما ينطبق على الجنجويدى لابس الكدمول و الذي يسفك الدماء و ينتهك الأعراض و يستحل الحرمات ، ينطبق تماما على اولئل الذين يدعمونهم لا ينقصهم من الجنجويدية سوى الكدمول فمن يؤيد سافكى الدماء فهو شريك أصيل لهم في جريمتهم هذه و من لا تصدر منه مجرد إدانة لسلوكهم المشين هذا فهو شريك لهم كذلك و من يوفر لهم السند السياسى و الدبلوماسي و الإعلامى لا يقل جنجويدية عن ذلك الذي يسفك الدماء و يستحل الحرمات. فهؤلاء و أولئك سواء تجمعهم التركيبة النفسية الجنجويدية المجرمة وإن اختلفت مظاهرهم ، تلك الشخصية الممتلئة حقداً و كراهية على السودان و اهله ، و على كل شيىء جميل ، فهم يفعلون كل قبيح مع ذلك يزعمون أنهم يقدمون الخير للناس فهؤلاء مثلهم كمن ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً . فمن فسدت فطرته يتساوى عنده الحق و الباطل و الحسن و القبيخ و المنكر و المعروف.