مشاركة
56 مقالات منذ 3 أشهر صحيفة كرري

إتفاقيات جنيف بين النظرية والتطبيق (2)

بقلم : عميد ركن د . حمزة محمد صالح

. - مع مراعاة أحكام المادة (12) من إتفاقية جنيف المبرمة في العام 1949م ، والتي سبق أن تناولناها بالشرح والتحليل ، والتي مفادها وجوب إحترام وحماية الجرحى والمرضى والغرقى من أفراد القوات المسلحة وغيرهم من الأشخاص ، بالإضافة إلى ذلك يجب معاملتهم معاملة إنسانية كريمة والإعتناء بهم دون أي تمييز ضار على أساس الجنسية أو العنصر أو الدين أو الآراء السياسية أو أي معايير مماثلة أخرى ، كما يحظر الإعتداء على حياتهم أو تعريضهم للعنف أو التعذيب أو القتل أو الإبادة أو الترك عمداً دون علاج أو رعاية طبية أو خلق ظروف تعرضهم لمخاطر العدوى والإصابة بالأمراض أو تلوث الجروح وعلي طرف النزاع الذي يضطر إلى ترك بعض الجرحى أو المرضى لخصمه أن يترك معهم بقدر ما تسمح به الإعتبارات الحربية ، أن يترك معهم بعض أفراد خدماته الطبية و مستلزمات العناية بهم

وفقا ً لهذه الإتفاقيات على الأطراف بعد الإشتباك إتخاذ التدابير الممكنة للبحث عن الجرحى والمرضى وتجميعهم وحمايتهم من سوء المعاملة والبحث عن جثث الموتى ومنع سلبها.

-  يفضل إذا سمحت الظروف أن يتفق الأطراف على تدبير هدنة أو وقف اطلاق نار أو أي ترتيبات محلية لإمكان جمع الجرحى المتروكين في ميدان القتال ، كما يجب على أطراف القتال تسجيل البيانات وجمع المعلومات المختلفة عن هوية الجرحى والمرضى والموتى الذين يتبعون للطرف الخصم ويجب أن تشمل المعلومات بعض التفاصيل وأهمها :

 * إسم الدولة التي ينتمون إليها .

 * الرقم العسكري أو الفرقة أو الرقم الشخصي أو التسلسلي.

* تاريخ الميلاد واللقب وأي معلومات أخرى مدونة على بطاقة الهوية.

* معلومات عن الجروح أو المرض أو سبب الوفاة

- وفقاً للمادة (122) يجب تبليغ المعلومات المذكورة بأسرع ما يمكن إلى مكتب الإستعلامات المشار إليه في الإتفاقيات وعلى هذا المكتب نقلها إلى الدولة التي يتبع لها هؤلاء الأشخاص وإلى الوكالة المركزية لأسرى الحرب .

- وفقا لهذه الاتفاقيات علي الأطراف المتحاربة  إعداد شهادات الوفاة أو قوائم بأسماء الموتى ووصاياهم الأخيرة أو أي مستندات أخرى ذات أهمية لأقاربه وجميع الأشياء الموجودة مع الموتى ذات القيمة الفعلية أو المعنوية وتسلم لأقاربه .

- وفقاً للمادة (18) من هذه الإتفاقيات يجوز للسلطات العسكرية أن تلتمس مروءة السكان المتطوعين لجمع الجرحى والمرضى والعناية بهم تحت إشرافها مع منح الأشخاص الذين يستجيبون لهذا النداء الحماية والتسهيلات اللازمة بالقدر الذي يمكنهم من القيام بهذا الواجب ، إذا إستولى الطرف الخصم على المنطقة ، يتعين عليه أن يمنح بالمثل هؤلاء الأشخاص ذات التسهيلات .

- تسمح السلطات العسكرية للسكان وجمعيات الإغاثة في المناطق التي غزيت أو أحتلت أن يجمعوا الجرحى أو الموتى طوعاً ، أياً كانت جنسياتهم وأن يعتنوا بهم وعلى السكان المدنيين إحترام هؤلاء الجرحى والمرضى والإمتناع عن إقتراف أي أعمال عنف ضدهم

.- وفقاً لأحكام المادة (19) لا يجوز الهجوم على المنشآت الثابتة والوحدات المتحركة التابعة للخدمات الطبية ، إنما تحترم وتحمى بواسطة أطراف النزاع وفي حالة سقوطها في أيدي الطرف الخصم يمكن لأطرافها مواصلة واجباتهم ما دامت الدولة الآسرة من جانبها لا تقدم العناية اللازمة للجرحى والمرضى والموجودين في هذه المنشآت والوحدات .

- كما لا يجوز الهجوم من البر على السفن العاملة كمستشفيات ، بل يتوجب حمايتها بمقتضى المادة (20) من هذه الإتفاقيات ولا يجوز وقف الحماية الواجبة للمنشآت الثابتة والوحدات الطبية المتحركة التابعة العاملة في المجال الطبي إلا إذا خرجت عن واجباتها وقامت بأعمال تضر العدو ، ولا يجوز وقف الحماية عنها وفقاً للمادة (21) إلا بعد توجيه إنذار مسبق يحدد في جميع الأحوال مهلة زمنية معقولة

.- هناك بعض الظروف التي إعتبرتها المادة (16) من هذه الإتفاقية غير مبررة لحرمان أي وحدة أو منشأة طبية من الحماية المكفولة لها وهي على النحو التالي

 :* أن أفراد الوحدة أو المنشأة مسلحين ويستخدمون الأسلحة في الدفاع عن   أنفسهم أو عن الجرحى أو المرضى الذين يعتنون بهم . * إحتواء الوحدة أو المنشأة على أسلحة صغيرة وذخيرة أخذت من الجرحى أو المرضى ولم تسلم بعد إلى الإدارة المختصة .

* إمتداد النشاط الإنساني للوحدة أو المنشأة الطبية أو أفرادها لتسهيل العناية بالجرحى أو المرضى المدنيين .

- على الرغم مما تبذله القوات المسلحة السودانية من جهود فيما يتعلق بحماية الأسرى والجرحى ومعاملتهم بالكيفية التي تليق بالإنسان والإنسانية وحظر الإعتداء عليهم والحرص على توفير العلاج اللازم للجرحى والمحافظة على حياتهم والنأي بهم عن التعذيب النفسي والبدني وفقاً لما حددته بنود إتفاقيات جنيف ، إلا أنها لم تجد طريقها للتنفيذ من قبل جنود مليشيا الدعم السريع المتمردة وقادتها، نظراً لما ظلت تمارسه من تعذيب وتنكيل وقتل على ذات الأسس المحرمة مما يمكن أن يرتقي وصفاً، بأنه إنتهاكاً سافراً وتعدياً لما نصت عليه المادة (12) من اتفاقيات جنيف .

- أوجبت المادة (15) القيام بالبحث عن الجرحى والمصابين وإخلاءهم كما أوجبت البحث عن جثث الموتى ومنع سلبها وتسجيل البيانات المتعلقة بهم التي يمكن أن تساعد على التحقق من هويتهم وتبليغ هذه المعلومات إلى مكتب الإستعلامات حيث يقوم المكتب بنقلها إلى الدولة التي يتبع لها هؤلاء الأشخاص و إلى الوكالة المركزية ، إلا أن مليشيا الدعم السريع تتجاوز كل هذه البنود في تحد سافر للمجتمع الدولي الذي يتعين عليه القيام خطوات عملية جادة لإدانة سلوك هذه المليشيات التي لم تترك جرماً إلا إقترفته