مشاركة
74 من إفرازات الحرب .... منذ 4 أشهر صحيفة كرري

حمل الأطفال للأسلحة... من مظاهر البطولة و لكن ؟؟؟

بقلم : عقيد . د ركن احمد يوسف النور

لعل من اهم  إفرازات الحرب السالبة تنامى الظواهر العسكرية  لدى الأطفال بدءً من ارتداء الزى العسكرى بكامل علاماته و شارات الرتب و حمل السلاح الهيكلى فضلاً عن محاكاة الأطفال لما يشاهدونها فى الفضاءات من مظاهر الحرب. نحن في مجتمعاتنا نشجع مثل هذا السلوك لانه يشير إلى مؤازرة الأطفال للقوات المسلحة و القوات النظامية الأخرى بالإضافة إلى كونها - حسب اعتقادتنا - من ملامح القوة و الفراسة التى يفتخر بها الشعب السودانى باعتبارها جزءً من ثقافته. تشكل ظاهرة حمل الأطفال للأسلحة، سواء كانت حقيقية أو ألعاباً تحاكي الأسلحة الواقعية، خطراً كبيراً على تشكيل شخصياتهم وبناء ثقافتهم الاجتماعية. يُضاف إلى ذلك تأثير ارتداء الأطفال للزي العسكري بكامل علاماته وشارات الرتب، وهو من إفرازات الحروب التي تُساهم في تعزيز هذه الظاهرة. يعكس ارتداء الزي العسكري وتقليد الجنود تأثر الأطفال بالمظاهر العسكرية التي أصبحت مألوفة في بيئتهم، مما يغرس فيهم تمجيداً غير واعٍ للعنف وللمظاهر المرتبطة بالقوة والسيطرة.

أثر حمل الأطفال للأسلحة وارتداء الزي العسكري على ثقافتهم

 إن ارتداء الزي العسكري الكامل يجعل الأطفال ينخرطون نفسياً في أجواء الحرب، ويُهيئهم لتقبل العنف كجزء طبيعي من حياتهم. كما يُعزز حمل الأسلحة، حتى وإن كانت ألعاباً، ارتباطاً وثيقاً بين القوة والعنف في عقولهم. يؤدي ذلك إلى تقليص تقبلهم لفكرة الحوار كوسيلة لحل النزاعات، ويُشجع على تطبيع السلوك العدواني في بيئتهم اليومية.

علاوة على ذلك، فإن محاكاة الأطفال للجنود فى حياتهم اليومية و التى تفاخر به الأسر بل تساعدهم فى الحصول على الزى العسكرى و السلاح الهيكلى إلا أن هذه الظاهرة تعزز لدى الأطفال الشعور بالانتماء إلى أجواء الحرب قبل الأوان ، مما يُضعف قدرتهم على تطوير مهارات اجتماعية قائمة على التعاون والتسامح. يُعد غياب الأنشطة البديلة سراءً كانت تعليمية أو الترفيهية المنظمة عاملاً مساعداً على انتشار هذه السلوكيات خاصة مع الفراغ الكبير الذى خلّفه توقف الدراسة، و يكمن الخطر فى ان الأطفال يميلون الأطفال إلى تقليد ما يشاهدونه في واقعهم اليومي أو عبر وسائل الإعلام من أجواء المعارك و القتال.

 الانعكاسات النفسية والاجتماعية

ارتداء الأطفال للزي العسكري أو محاكاة مشاهد الحرب يجعلهم أكثر عرضة للاضطرابات النفسية، مثل القلق والتوتر. كما أن ارتباطهم بالعنف قد يؤدي إلى ظهور ميول عدوانية وصعوبات في بناء علاقات اجتماعية صحية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تقمص الأطفال لأدوار عسكرية يُضعف شعورهم بالأمان الشخصي، حيث يُصبحون أكثر عرضة للخوف من البيئة المحيطة. هذه العوامل تُؤثر على توازنهم النفسي والعاطفي، وتُهيئهم لتبني سلوكيات غير سوية في المستقبل. أضف إلى ذلك باتت بعض الأسر تستغل تعاطف المجتمع خاصة العسكرى مع الأطفال فى الزى العسكرى، استغلت ذلك فى التردد على قادة الوحدات العسكرية و التسول باسم هؤلاء الأبرياء الأمر الذى يتطلب نظرة عميقة إلى هذا الموضوع و من مختلف الزوايا حتى لا يصبح التسول سلوك مستقبلى لهؤلاء الأطفال.

 طرق معالجة الظاهرة

المظاهر العسكرية فى ظل الحروب امر لا مفر منه لكن الصحيح ان يظل الأطفال بمنأى عنه رغم صعوبة ذلك إلا أن تسليط الضوء على الظاهرة و محاولة ابتكار حلول قد تسهم فى تقليل آثارها. من الحلول التى يمكن ابتكارها :  1. التوعية الأسرية ٠ توعية الأهالي بمخاطر ارتداء الأطفال للزي العسكري أو حمل الأسلحة، وأثرها على ثقافتهم وسلوكهم.° توجيه الأطفال نحو أنشطة تُعزز القيم الإيجابية بدلاً من تمجيد المظاهر العسكرية. *2. أنشطة تعليمية وترفيهية بديلة* ° تنظيم برامج تعليمية وترفيهية تُشغل وقت الأطفال وتعزز لديهم قيم الحوار والتسامح.° إنشاء أندية للأطفال تُركز على تعزيز التعاون والإبداع بدلاً من السلوكيات العدوانية. *3. الرقابة القانونية والتثقيف المجتمعي* ° فرض قوانين تُحظر إرتداء الزي العسكرى للأطفال و منع تصنيع او تسويق الألعاب التى تشبه الأسلحة  و تُشجع على العنف.° تنفيذ حملات توعوية على مستوى المجتمع لشرح مخاطر الظاهرة وآثارها بعيدة المدى.° بالاضافة إلى منع هؤلاء الأطفال من الدخول إلى الوحدات العسكرية و هم بهذه الهيئة علاوة على تحجيم مشاركتهم فى الفعاليات العسكرية مثل كرنفالات التخريج و الزيارات و القوافل العسكرية. 4. تعزيز ثقافة السلام° تقديم برامج تدريبية تُشجع على التفكير السلمي وحل النزاعات بطرق غير عنيفة.° إشراك الأطفال في أنشطة مجتمعية تُظهر أهمية التعاون وبناء العلاقات الإيجابية. *5. إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي* ° تقديم دعم نفسي للأطفال الذين تأثروا بالظاهرة لمساعدتهم على التغلب على آثارها.° إعداد مرشدين نفسيين لتقديم برامج علاجية موجهة للأطفال المتضررين.° عم تسليط الضوء على هؤلاء الأطفال عبر الإعلام حتى لا نساهم فى تفخيم هذه الظاهرة وشرعنتها و تحوطاً لاحتمالية استغلالها بواسطة المنظمات الحقوقية  لتجريم القوات المسلحة بتهمة تجنيد القصر .

الخاتمة

تتطلب معالجة هذه الظاهرة جهداً مجتمعياً متكاملاً، حيث إن حماية الأطفال من تأثيرات الحرب وثقافة العنف هي مسؤولية الجميع. يجب العمل على توفير بيئة تدعم بناء جيل ينشأ على قيم السلام والتسامح، بعيداً عن مظاهر الحرب التي تُهدد سلامتهم النفسية والاجتماعية