تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان الدولية Human Rights Watch)) الذي صدر نهاية الأسبوع الماضي كشف بوضوح مدى الانتهاكات التي تعرض له المواطنون في غرب دارفور . فقد تتبعت هذه المنظمة الانتهاكات التي حدثت منذ بداية هذه الحرب و أعدت تقريرها متبوعا بتوصيات . جاء في هذا التقريرإتهام صريح لمليشيا الدعم السريع أنها ارتكبت في تلك المناطق جرائم يعاقب عليها القانون الدولى الإنسانى و الأعراف الدولية الأخرى و التى يمكن تصنيفها تحت طائلة جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية نتيجة للتطهير العرقى و الإبادة الجماعية و التعذيب و التهجير القسرى الذي مارسته هذه المليشيا و المجموعات التابعة لها ضد المجموعات القبلية غير العربية إلى درجة أنها ذكرت (أن هؤلاء المهجّرين لن يعودوا إلى ديارهم مجدداً) من هول المأساة و ما تعرضوا له من إذلال بأيدى مليشيا الدعم السريع الآثمة.
منذ صدور هذا التقرير حرصت على متابعة تداعياته عالميا فوجدت ان هنالك عدداً مقدراً من الدوائر و الوكالات العالمية تناولته بل استعرضت نتائجه منها على سبيل المثال الشرق الأوسط اللندنية ، الفرنسية 24 ، الحرة ، الجزيرة نت و قناة الشرق و بعض المسئولين الدوليين ، لم يقف الأمر على استعراض التقرير كخبر بل ناشدت المجتمع الدولى ـ مثلما فعلت المنظمة ـ بالتدخل و إدانة سلوك هذه المليشيا المتمردة وفرض عقوبات عليها و على داعميها و مسانديها و مشايعيها خاصة دويلة الشر التي لازالت تمدها بالعتاد الحربى و المرتزقة بالإضافة إلى دولة تشاد وغيرها من الدول التي هيأت المعابر لذلك العتاد و المقاتلين المرتزقة أضف إلى ذلك الكيانات الإقليمية التي توفر لها السند الدبلوماسي و الأحزاب و الجماعات و الأفراد في الداخل و الخارج الذين يوفرون لها الغطاء السياسى و الإعلامى و العمل على تزيين وجهها و تسويقها خارجيا وداخلياً.
التقرير يتطابق تماما مع تقرير أممى سابق صدر في يناير الماضى من قٍبل لجنة أممية لمراقبين مستقلين أتهم مليشيا الدعم السريع بارتكاب جرائم ( قد ترقى إلى جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية ) في غرب البلاد و مناشدة المجتمع الدولى للتدخل . إلا أنه هنالك بعض المخاوف من بعض توصياته التي طالبت بتدخل قوات أممية و شرطية لحماية المدنيين . فمجلس الامن الدولى رغم مرور أربعة أشهر على تقرير الخبراء لم يصدر حتى الآن قراراً واضحاّ يصنف الدعم السريع كمليشيا إرهابية و يلاحق رسمياً تحت طائلة القانون الدولى داعميها من الدول و الجماعات و الأحزاب و الأفراد باعتبارها شريكة أصيلة لهذه المليشيا في جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها في حق المواطنين العزّل ليس في غرب البلاد فحسب بل في كل منطقة دخلتها.
رغم تلك التقارير الأممية الواضحة و الإدانات المتعددة لم تصدر من تقزم مجرد إدانة لممارسات هذه المليشيا الوحشية . حتى التصريحات الهزيلة التي صدرت من بعض منسوبيها فى ظاهرها الإدانة إلا أنها في باطنها غض الطرف عن جرائم المليشيا بل المساواة بينها و القوات المسلحة مما لا يدع مجالاً للشك أن موقف تقزم لازال مسانداً للمليشيا بل حليفاً لها و مؤيداً لكل ما ارتكبته و لا زالت ترتكبه من انتهاكات في حق المواطن مما يضعها أمام القانون هي وهذه المليشيا في كفة واحدة. و من هنا تبلور موقف الشعب السودانى الرافض لعودة المليشيا و حليفها السياسي تقزم إلى المشهد السياسى مجدداً كيف لا وهم شركاء في المأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب السودانى و هم كذلك شركاء في الخراب و الدمار الذى تعرضت له البلاد و في جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية التي اقترفتها أيادى الدعم الصريع المتمردة الآثمة .
ناس (لا للحرب) الذين يصرخون في الفضاءات و يتصدرون المجالس و المنابر الدولية و الوكالات العالمية يتحدثون عن المأساة التي تعرض لها الشعب السودانى و يعلمون تماماً أنهم شركاء في هذا الجرم مع ذلك يصدرون التصريحات أن (لابد لهذه الحرب أن تتوقف) وكأنها آلة أوتوماتيكية بإمكانها أن تتوقف من تلقاء نفسها !. مباراة كرة القدم مثلا لا تتوقف إلا بصافرة الحكم فكيف لحرب مجنونة أن تتوقف لوحدها ؟ أم هؤلاء يقصدون ب (لا للحرب) أن تتوقف القوات المسلحة و القوات النظامية الأخرى و من خلفهم الشعب السودانى عن رد عدوان هذه المليشيا المتمردة و ترك المجال لها لاحتلال بلادنا و تدمير وتخريب ما تبقى من المدن و القرى و نهب الممتلكات و تشريد الآمنين ؟ إن الطريق إلى وقف الحرب واضح لا يحتاج إلى سفر و لا إلى فنادق خمسة أو سبعة نجوم و لا إلى مؤتمرات و ندوات وورش عمل إنما يحتاج إلى أن تكف تقزم عن مساندتها للمليشيا المتمردة و أن توجه خطابها الفضفاض هذا مباشرة إلى دويلة الشر التى توفر العتاد الحربى و المرتزقة و إلى كل مسانديها و إلى المليشيا نفسها (أن أوقفوا الحرب) فهى المعتدية أولاً و هي التي لازالت تهاجم المدن و القرى وترّوع الآمنين و تقتلهم و تنهب ممتلكاتهم . و شوكاى بسلّو بدربو.