مشاركة
10 متابعات منذ أسبوعين صحيفة كرري

سنجة ... والعودة إلى حضن الوطن... قراءة فى التاريخ و الجغرافيا

بقلم : عقيد د . أحمد يوسف النور

إن العودة إلى حضن الوطن ليست مجرد عملية عسكرية، إو هى إستعادة لمنطقة جغرافية أو إدارية ، بل هي تجديد للعلاقة بين الأرض وأبنائها وترسيخ لمعاني الانتماء والوطنية الجامعة

ماذا تعني العودة إلى حضن الوطن؟

العودة إلى حضن الوطن ليست مجرد عملية عسكرية استعادة جغرافية أو إدارية، بل هي تجديد للعلاقة بين الأرض وأبنائها وترسيخ لمعاني الانتماء والوطنية الجامعة. في حالة مدينة سنجة، فإن عودتها بعد خمسة أشهر تمثل أكثر من مجرد تحرير؛ إنها استعادة لدورها المحوري كرمز للحضارة والتراث السوداني، وإعادة بناء جسور التعايش بين مختلف مكونات الشعب. كما أن هذه العودة تعكس خطوة مهمة نحو تطهير كامل البلاد من المليشيات المسلحة، وإعادة السيطرة الوطنية على جميع المناطق التي تضررت جراء النزاع، تمهيداً لتحقيق الاستقرار والتقدم.

الأهمية التاريخية لسنجة

سنجة مدينة ذات جذور تاريخية عميقة. فقد كشفت الحفريات في محيطها عن أقدم إنسان سوداني، إنسان سنجة، الذي عاش في العصر الحجري قبل أكثر من 160,000 سنة، متزامناً مع إنسان النياندرتال وإنسان بكين. هذا الهيكل التاريخي المسروق والموجود حالياً في المتحف البريطاني يرمز إلى أهمية المدينة في تاريخ البشرية.إضافة إلى ذلك، كانت سنجة إحدى الحواضر البارزة خلال عهد السلطنة الزرقاء، التي مثلت أول تجربة سودانية تجمع بين الإسلام والتراث المحلي، وأسهمت في تشكيل الهوية السودانية الحالية. كما كانت حاضرة مديرية شمال الفونج، مما عزز من أهميتها الإدارية والسياسية.

أهمية الموقع الجغرافي

تقع سنجة حاضرة ولاية سنار في موقع متميز في الولاية بموقعها الاستراتيجي، حيث تربطها حدود مشتركة مع دولتي جنوب السودان وإثيوبيا، كما تتقاطع حدودها مع أربع ولايات سودانية هي النيل الأبيض، النيل الأزرق، القضارف، والجزيرة. هذا الموقع جعلها بوابة للتواصل الإقليمي ومحوراً للتكامل الوطني.

بالإضافة إلى ذلك، تشكل حاضرتها سنجة عقدة مواصلات مهمة تربط بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، ما يعزز من دورها كمحور للتجارة والعبور.

 التنوع الإثني والثقافي

 تتميز سنجة بتنوعها الثقافي والإثني، حيث تجمع بين مكونات سودانية متنوعة تمثل جميع أنحاء البلاد. هذا التنوع جعلها نموذجاً مصغراً للسودان الموحد، وواحةً تزدهر فيها العادات والتقاليد التي تعكس الهوية السودانية الأصيلة.

الأهمية الزراعية

 تُعد الأراضي الخصبة في سنجة أحد أعمدتها الاقتصادية، حيث تنتج المدينة محاصيل نقدية كالذرة، السمسم، والقطن المطري، إلى جانب الفواكه كالمانجو والموز، والموالح كالليمون والبرتقال. هذا التنوع الزراعي يوفر فرص عمل ويسهم في تحسين الاقتصاد المحلي والوطني، خاصة مع تزايد الطلب على المنتجات السودانية في الأسواق العالمية.

 الثروة الحيوانية ودور مركز الأبحاث البيطرية

الثروة الحيوانية تمثل قطاعاً اقتصادياً مهماً في سنجة، حيث تتيح المراعي الواسعة والأراضي الخصبة تنمية قطعان الماشية التي تشكل مصدراً رئيسياً للحوم والألبان والجلود. يلعب مركز الأبحاث البيطرية في المدينة دوراً محورياً في تحسين الإنتاجية وزيادة الكفاءة، مما يعزز من مساهمة هذا القطاع في الاقتصاد القومي.

الأهمية السياحية وحظيرة الدندر

تعد سنجة وجهة سياحية بارزة، خاصة لاحتضانها حظيرة الدندر الوطنية، التي تُعتبر من أكبر المحميات الطبيعية في إفريقيا. تشتهر الحظيرة بتنوعها البيئي والحيواني، حيث تضم أنواعاً نادرة من الحيوانات والطيور، ما يجعلها مركزاً مهماً للسياحة البيئية والاقتصادية.

الأهمية الاقتصادية الشاملة

يتكامل في سنجة قطاعا الزراعة والثروة الحيوانية مع القطاع السياحي، مما يشكل قاعدة اقتصادية قوية. توفر المنطقة فرصاً استثمارية واعدة، خاصة في مجال التصنيع الزراعي وتطوير البنية التحتية للسياحة. هذا التكامل يجعل من سنجة نموذجاً لتنمية محلية وقومية مستدامة.

خاتمة

تجسد سنجة تاريخ السودان العريق وحاضره الواعد، فالعودة إلى حضن الوطن تمثل أكثر من مجرد تحرير عسكري؛ إنها استعادة لدورها الاستراتيجي والاقتصادي والاجتماعي. بتنوعها الثقافي وإمكاناتها الاقتصادية وموقعها الجغرافي، تبقى سنجة رمزاً لوحدة السودان وقوة إرادته في بناء مستقبل أفضل.